موقعة الصواري
بعد ثلاث سنين من سقوط قبرص في يد المسلمين خرج الروم في جمع لم يجتمع مثله لهم قط منذ كان الإسلام فخرجوا في أسطول مؤلف من 500 سفينة، وقيل أكثر. وتحدُّوا المسلمين وعليهم عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح الذي جهز كل سفينة في مصر، وكانت مراكب المسلمين مائتي مركب ونيفًا، واختار جيشًا من الشجعان، فأمن الفريقان بعضهم بعضًا حتى قرنوا بين سفن المسلمين والروم بين صواريها، وكانت الريح هبَّت فرست السفن على الشاطئ، وربط المسلمون السفن بعضها إلى ببعض بالقرب من الإسكندرية، واشتبك القتال بين الفريقين ووثب الرجال على الرجال يتضاربان بالسيوف على السفن حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج وطرحت الأمواج جثث الرجال فقتل من المسلمين بشر كثير وقتل من الروم عدد كثير أيضًا، وصبروا يومئذ صبرًا لم يصبروا مثله في موطن قط. وفي النهاية عجز الروم عن مقاومة المسلمين لشجاعتهم وحسن بلائهم، وانهزموا، وفرَّ قائدهم إلى سرقوسة (Syracause) وهي أكبر مدينة بجزيرة صقلية [صِقِلِّية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضًا مشدَّدة، وبعضهم يقول: بالسين، وأكثر أهل صقلّية يفتحون الصاد واللام، وهي من جزائر البحر الأبيض المتوسط، مثلثة الشكل، خصيبة وبها مدينة بلرم. ذكر ابن حمديس صقلية في شعره فقال:
ذكرت صقلية والهوى *** بهيج للنفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنة *** فإني أحدث أخبارها
ولمَّا فتحها المسلمون عمروها، وأحسنوا عمارتها بعد أن كانت خاملة، وفيها كثير من الفواكه.
من هو قائد الروم في موقعة الصواري؟
جاء في تاريخ الطبري وصف معركة الصواري وذكر قائد الروم كما يلي"فلقوا جموع الروم في خمسمائة أو ستمائة فيها القسطنطين بن هرقل فقال: أشيروا عليَّ. قالوا: ننظر الليلة، فباتوا يضربون بالنواقيس، وبات المسلمون يصلون ويدعون اللَّه، ثم أصبحوا وقد أجمع القسطنطين أن يقاتل، فقربوا سفنهم، وقرب المسلمون، فربطوا بعضها إلى بعض، وصف عبد اللَّه بن سعد المسلمين على نواحي السفن، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن، ويأمرهم بالصبر، ووثب الروم في سفن المسلمين على صفوفهم حتى نقضوها فكانوا يقاتلون على غير صفوف. فاقتتلوا قتالًا شديدًا. ثم إن اللَّه نصر المؤمنين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم ينج من الروم إلا الشريد."
فأنت ترى أن اسم القائد الروماني في موقعة الصواري كما ذكره الطبري . "القسطنطين بن هرقل"، وذكره ابن الأثير في تاريخه بدون أداة تعريف "قسطنطين". واكتفى الأستاذ موير بقوله: "إن قائد الروم أبحر إلى سرقوسة، وهنالك غضب عليه أهلها لانهزامه وعجلوا بقتله في حمامه" وكتب في الهامش: إن كنستانس الثاني ـ بناء على رأي تيوفان ـ هو الذي قتل بهذه الكيفية. وقال الأستاذ واشنجتون [واشنطون] ايرفنج "إن الإمبراطور فرَّ بالمراكب". والحقيقة أن قائد الروم في موقعة الصواري هو كنستانس الثاني الذي ذكره مؤرخو العرب باسم قسطنطين، وكان هذا الإمبراطور يلقب بـ: "هرقل" وسمي عند تتويجه بـ: "قسطنطين"، إلا أن تيوفان يسميه "كنستانس" وهو معروف بكنستانس الثاني واسمه الرسمي "قسطنطين" فهو بالضبط كنستانس الثاني ابن قسطنطين الثالث ابن هرقل، وكان موله سنة 630 م. وذكرت دائرة المعارف البريطانية في الطبعة الأخيرة: "أنه قتل في الحمام من غير أن تذكر أسباب قتله".
وجاء في المقريزي: "فبعث اللَّه عليهم ريحًا فغرقتهم إلا قسطنطين، فإنه نجا بمركبه، فألقته الريح بصقلية. فسألوه عن أمره، فأخبرهم. فقالوا: شتتت النصرانية، وأفنيت رجالها. ولو دخلت العرب علينا لم نجد من يردهم. فقال: خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا. فصنعوا له الحمام ودخلوا عليه. فقال: ويلكم يذهب رجالكم وتقتلون ملككم! قالوا: كأنه غرق معهم، ثم قتلوه، وخلوا من كان معه في المركب.
وفي هذه السنة ـ 31 هـ غزا عبد اللَّه غزوة الأساود حتى بلغ دنقلة.
المراجع
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 606، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 494.] (سنة 29 هـ/ 650 م): [الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 618، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 13، ابن كثير، البداية والنهاية ج 7/ص 157.] (سنة 31 هـ/ 652 م): [الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 618، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 14.]؟ [ص 74].
بعد ثلاث سنين من سقوط قبرص في يد المسلمين خرج الروم في جمع لم يجتمع مثله لهم قط منذ كان الإسلام فخرجوا في أسطول مؤلف من 500 سفينة، وقيل أكثر. وتحدُّوا المسلمين وعليهم عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح الذي جهز كل سفينة في مصر، وكانت مراكب المسلمين مائتي مركب ونيفًا، واختار جيشًا من الشجعان، فأمن الفريقان بعضهم بعضًا حتى قرنوا بين سفن المسلمين والروم بين صواريها، وكانت الريح هبَّت فرست السفن على الشاطئ، وربط المسلمون السفن بعضها إلى ببعض بالقرب من الإسكندرية، واشتبك القتال بين الفريقين ووثب الرجال على الرجال يتضاربان بالسيوف على السفن حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج وطرحت الأمواج جثث الرجال فقتل من المسلمين بشر كثير وقتل من الروم عدد كثير أيضًا، وصبروا يومئذ صبرًا لم يصبروا مثله في موطن قط. وفي النهاية عجز الروم عن مقاومة المسلمين لشجاعتهم وحسن بلائهم، وانهزموا، وفرَّ قائدهم إلى سرقوسة (Syracause) وهي أكبر مدينة بجزيرة صقلية [صِقِلِّية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضًا مشدَّدة، وبعضهم يقول: بالسين، وأكثر أهل صقلّية يفتحون الصاد واللام، وهي من جزائر البحر الأبيض المتوسط، مثلثة الشكل، خصيبة وبها مدينة بلرم. ذكر ابن حمديس صقلية في شعره فقال:
ذكرت صقلية والهوى *** بهيج للنفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنة *** فإني أحدث أخبارها
ولمَّا فتحها المسلمون عمروها، وأحسنوا عمارتها بعد أن كانت خاملة، وفيها كثير من الفواكه.
من هو قائد الروم في موقعة الصواري؟
جاء في تاريخ الطبري وصف معركة الصواري وذكر قائد الروم كما يلي"فلقوا جموع الروم في خمسمائة أو ستمائة فيها القسطنطين بن هرقل فقال: أشيروا عليَّ. قالوا: ننظر الليلة، فباتوا يضربون بالنواقيس، وبات المسلمون يصلون ويدعون اللَّه، ثم أصبحوا وقد أجمع القسطنطين أن يقاتل، فقربوا سفنهم، وقرب المسلمون، فربطوا بعضها إلى بعض، وصف عبد اللَّه بن سعد المسلمين على نواحي السفن، وجعل يأمرهم بقراءة القرآن، ويأمرهم بالصبر، ووثب الروم في سفن المسلمين على صفوفهم حتى نقضوها فكانوا يقاتلون على غير صفوف. فاقتتلوا قتالًا شديدًا. ثم إن اللَّه نصر المؤمنين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة لم ينج من الروم إلا الشريد."
فأنت ترى أن اسم القائد الروماني في موقعة الصواري كما ذكره الطبري . "القسطنطين بن هرقل"، وذكره ابن الأثير في تاريخه بدون أداة تعريف "قسطنطين". واكتفى الأستاذ موير بقوله: "إن قائد الروم أبحر إلى سرقوسة، وهنالك غضب عليه أهلها لانهزامه وعجلوا بقتله في حمامه" وكتب في الهامش: إن كنستانس الثاني ـ بناء على رأي تيوفان ـ هو الذي قتل بهذه الكيفية. وقال الأستاذ واشنجتون [واشنطون] ايرفنج "إن الإمبراطور فرَّ بالمراكب". والحقيقة أن قائد الروم في موقعة الصواري هو كنستانس الثاني الذي ذكره مؤرخو العرب باسم قسطنطين، وكان هذا الإمبراطور يلقب بـ: "هرقل" وسمي عند تتويجه بـ: "قسطنطين"، إلا أن تيوفان يسميه "كنستانس" وهو معروف بكنستانس الثاني واسمه الرسمي "قسطنطين" فهو بالضبط كنستانس الثاني ابن قسطنطين الثالث ابن هرقل، وكان موله سنة 630 م. وذكرت دائرة المعارف البريطانية في الطبعة الأخيرة: "أنه قتل في الحمام من غير أن تذكر أسباب قتله".
وجاء في المقريزي: "فبعث اللَّه عليهم ريحًا فغرقتهم إلا قسطنطين، فإنه نجا بمركبه، فألقته الريح بصقلية. فسألوه عن أمره، فأخبرهم. فقالوا: شتتت النصرانية، وأفنيت رجالها. ولو دخلت العرب علينا لم نجد من يردهم. فقال: خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا. فصنعوا له الحمام ودخلوا عليه. فقال: ويلكم يذهب رجالكم وتقتلون ملككم! قالوا: كأنه غرق معهم، ثم قتلوه، وخلوا من كان معه في المركب.
وفي هذه السنة ـ 31 هـ غزا عبد اللَّه غزوة الأساود حتى بلغ دنقلة.
المراجع
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 606، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 494.] (سنة 29 هـ/ 650 م): [الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 618، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 13، ابن كثير، البداية والنهاية ج 7/ص 157.] (سنة 31 هـ/ 652 م): [الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 618، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 3/ص 14.]؟ [ص 74].