استيلاء الرومان على الإسكندرية
جاء في دائرة المعارف البريطانية أنه بعد استيلاء العرب على الإسكندرية بقليل، انتهز الروم فرصة تغيب عمرو بن العاص وارتحال جزء كبير من جيشه. فاستولوا على الإسكندرية. فلما بلغ عمرو بن العاص ذلك عاد سريعًا واستولى على المدينة، وهذا يوافق ما جاء في ابن الأثير.
كان استيلاء الرومان على الإسكندرية في أوائل سنة 25 هـ وأواخر سنة 645 م وكان عمرو بن العاص استخلف على الإسكندرية عبد اللَّه ابن حذافة ، قال الأستاذ بتلر: "وعلى كل حال فمن المؤكد أنه قد عزل قبل نزول الجيش الروماني إلى البر، وأن خلفه لم يكن كفئاً فترك وسائل الدفاع في حالة ضعف شديد".
أما رواية الطبري فتفيد أن عمرو بن العاص كان قد استدعي إلى مكة، فلما ذاعت أخبار الثورة في الإسكندرية صدرت الأوامر إليه بتولي القيادة.
وجاء في تاريخ كامبردج للقرون الوسطى ما يؤيد استدعاء عمرو بن العاص بعد عزله وتولية عبد اللَّه.
كاتب الروم قسطنطين بن هرقل ـ وكان الملك يومئذ ـ يخبرونه بقلة من عندهم منالمسلمين ـ وكانوا ألف جندي ـ وبما هم فيه من الذلة وأداء الجزية، فبعث رجلًا من أصحابه يقال له: "أمنويل" Emanuel The Eunuchفي ثلاثمائة مركب مشحونة بالمقاتلة ـ ولم يكن للمسلمين أسطول كالأسطول الروماني. وقد رست هذه المراكب في ميناء الإسكندرية بلا إنذار، فقتل حرس الإسكندرية من المسلمين ـ ويبلغون ألفًا ـ ولم ينج منهم إلا القليل. ولم يقتصر الجيش الروماني على الاستيلاء عليها، بل توغلوا في البلاد والقرى المجاورة في أرض الدلتا واستولوا على الغلال والأموال بلا حساب، وعاملوا الأهالي معاملة الأعداء المحاربين.
كان العنصر الروماني في الإسكندرية هو السائد، ويرى الأستاذ بتلر أن الجيش الروماني لو استمر في زحفه إلى الفسطاط بدلًا من ضياع الوقت في بلاد الدلتا، لكان في وسعه التغلب على عبد اللَّه بن أبي سرح وإعادة حصن بابليون، ولكنهم لم يقدموا على ذلك وبذا مكنوا عمرو بن العاص من إعادة مركزه وتنظيم جيشه اهـ.
سار عمرو في خمسة عشر ألفًا، والتقى بالجيش الروماني الذي يفوقه عددًا بـ "نقيوس"، فالتحمت بينهم الحرب، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وأصيب جواد عمرو بن العاص بسهم فنزل واضطر أن يحارب على قدميه، وانتهى الأمر بانهزام جيش "أمنويل" وفراره نحو الإسكندرية في حالة ارتباك عظيم، فتحصنوا بها، فقاتلهم عمرو أشد قتال، ونصب المجانيق فأخذت جُدُرَها، وألح بالحرب حتى دخلها بالسيف عنوة، وقتل أمنويل وهدم المسلمون جدار الإسكندرية، وكان عمرو نذر لئن فتحها ليفعلن ذلك. ووضع عمرو على أرض الإسكندرية الخراج، وعلى أهلها الجزية، وبذلك استولى العرب للمرة الثانية. ويقول الأستاذ بتلر: "إن ذلك كان صيف سنة 646 م" .
روى البلاذري عن يزيد بن أبي حبيب قال: "كان عثمان عزل عمرو بن العاص عن مصر وجعل عليها عبد اللَّه بن سعد، فلما نزلت الروم الإسكندرية سأل أهل مصر عثمان أن يقر عمرًا حتى يفرغ من قتال الروم، لأن له معرفة بالحرب رهيبة في أنفس العدو حتى هزم الخ".
وقد أخطأ مؤرخو العرب فقالوا: إن المقوقس كان حيًَّا في هذه الغزوة والحقيقة أنه كان قد مات منذ زمن طويل، كما قرر الأستاذ بتلر، وقد أدرك البلاذري خطأ وجود المقوقس في ذلك الوقت فقال ما نصه:
"وروي أن المقوقس اعتزل أهل الإسكندرية حين نقضوا فأقره عمرو ومن معه على أمرهم الأول، وروي أيضًا أنه كان قد مات قبل الغزاة".
والحقيقة أن بنيامين كان بطريركًا وزعيمًا للوطنيين المصريين فظن المؤرخون أنه المقوقس، وهذا خلط في الحوادث والتواريخ، وقد كانت وفاة المقوقس في 21 مارس سنة 642 م على ما جاء في تاريخ كامبردج للقرون الوسطى. أما الأستاذ بتلر فيؤرخ وفاته 14 يوليه سنة 642 م. ولم يكن البطريرك بنيامين موجودًا في الإسكندرية عند دخول الروم، ويظن أنه هرب، لكنه على كل حال بقي مواليًا للعرب، ولم ينقض صلحهم، بل الذي نقضه الروم.
كانت نتيجة نقض الإسكندرية الصلح أن استولى عليها العرب مرة ثانية، وقتلوا الروم، ولم يكن هناك سبب واضح لنقض معاهدة الصلح، فما فعله الإمبراطور كان مخالفًا للقوانين الحربية، كما قال الأستاذ بتلر، ولا يوجد ما يبرره فلا غرو إذا عامل العرب الثائرين بالشدة، ثم إن عمرًا بعد أن أخضع الثوار في الإسكندرية ذهب لإخضاع المدن التي ثارت في الدلتا. ولما تمَّ له ذلك أرسل الأسرى إلى المدينة فأعادهم عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ.
وكان الروم لما خرجوا من الإسكندرية قد أخذوا أموال أهل تلك القرى من وافقهم ومن خالفهم، فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا لعمرو بن العاص: إن الروم أخذوا دوابنا وأموالنا، ولم نخالف نحن عليكم، وكنا على الطاعة. فرد عليهم ما عرفوا من أموالهم بعد إقامة البينة هذا ما ذكره ابن الأثير وأشار إليه الأستاذ بتلر معترفًا بفضل المبادئ التي سار عليها عمرو في إدارة حكومته وبشرف طبيعته، وكان أهل هذه القرى المذكورة الذين تظلموا لعمرو من الروم أقباطًا.
جاء في دائرة المعارف البريطانية أنه بعد استيلاء العرب على الإسكندرية بقليل، انتهز الروم فرصة تغيب عمرو بن العاص وارتحال جزء كبير من جيشه. فاستولوا على الإسكندرية. فلما بلغ عمرو بن العاص ذلك عاد سريعًا واستولى على المدينة، وهذا يوافق ما جاء في ابن الأثير.
كان استيلاء الرومان على الإسكندرية في أوائل سنة 25 هـ وأواخر سنة 645 م وكان عمرو بن العاص استخلف على الإسكندرية عبد اللَّه ابن حذافة ، قال الأستاذ بتلر: "وعلى كل حال فمن المؤكد أنه قد عزل قبل نزول الجيش الروماني إلى البر، وأن خلفه لم يكن كفئاً فترك وسائل الدفاع في حالة ضعف شديد".
أما رواية الطبري فتفيد أن عمرو بن العاص كان قد استدعي إلى مكة، فلما ذاعت أخبار الثورة في الإسكندرية صدرت الأوامر إليه بتولي القيادة.
وجاء في تاريخ كامبردج للقرون الوسطى ما يؤيد استدعاء عمرو بن العاص بعد عزله وتولية عبد اللَّه.
كاتب الروم قسطنطين بن هرقل ـ وكان الملك يومئذ ـ يخبرونه بقلة من عندهم منالمسلمين ـ وكانوا ألف جندي ـ وبما هم فيه من الذلة وأداء الجزية، فبعث رجلًا من أصحابه يقال له: "أمنويل" Emanuel The Eunuchفي ثلاثمائة مركب مشحونة بالمقاتلة ـ ولم يكن للمسلمين أسطول كالأسطول الروماني. وقد رست هذه المراكب في ميناء الإسكندرية بلا إنذار، فقتل حرس الإسكندرية من المسلمين ـ ويبلغون ألفًا ـ ولم ينج منهم إلا القليل. ولم يقتصر الجيش الروماني على الاستيلاء عليها، بل توغلوا في البلاد والقرى المجاورة في أرض الدلتا واستولوا على الغلال والأموال بلا حساب، وعاملوا الأهالي معاملة الأعداء المحاربين.
كان العنصر الروماني في الإسكندرية هو السائد، ويرى الأستاذ بتلر أن الجيش الروماني لو استمر في زحفه إلى الفسطاط بدلًا من ضياع الوقت في بلاد الدلتا، لكان في وسعه التغلب على عبد اللَّه بن أبي سرح وإعادة حصن بابليون، ولكنهم لم يقدموا على ذلك وبذا مكنوا عمرو بن العاص من إعادة مركزه وتنظيم جيشه اهـ.
سار عمرو في خمسة عشر ألفًا، والتقى بالجيش الروماني الذي يفوقه عددًا بـ "نقيوس"، فالتحمت بينهم الحرب، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وأصيب جواد عمرو بن العاص بسهم فنزل واضطر أن يحارب على قدميه، وانتهى الأمر بانهزام جيش "أمنويل" وفراره نحو الإسكندرية في حالة ارتباك عظيم، فتحصنوا بها، فقاتلهم عمرو أشد قتال، ونصب المجانيق فأخذت جُدُرَها، وألح بالحرب حتى دخلها بالسيف عنوة، وقتل أمنويل وهدم المسلمون جدار الإسكندرية، وكان عمرو نذر لئن فتحها ليفعلن ذلك. ووضع عمرو على أرض الإسكندرية الخراج، وعلى أهلها الجزية، وبذلك استولى العرب للمرة الثانية. ويقول الأستاذ بتلر: "إن ذلك كان صيف سنة 646 م" .
روى البلاذري عن يزيد بن أبي حبيب قال: "كان عثمان عزل عمرو بن العاص عن مصر وجعل عليها عبد اللَّه بن سعد، فلما نزلت الروم الإسكندرية سأل أهل مصر عثمان أن يقر عمرًا حتى يفرغ من قتال الروم، لأن له معرفة بالحرب رهيبة في أنفس العدو حتى هزم الخ".
وقد أخطأ مؤرخو العرب فقالوا: إن المقوقس كان حيًَّا في هذه الغزوة والحقيقة أنه كان قد مات منذ زمن طويل، كما قرر الأستاذ بتلر، وقد أدرك البلاذري خطأ وجود المقوقس في ذلك الوقت فقال ما نصه:
"وروي أن المقوقس اعتزل أهل الإسكندرية حين نقضوا فأقره عمرو ومن معه على أمرهم الأول، وروي أيضًا أنه كان قد مات قبل الغزاة".
والحقيقة أن بنيامين كان بطريركًا وزعيمًا للوطنيين المصريين فظن المؤرخون أنه المقوقس، وهذا خلط في الحوادث والتواريخ، وقد كانت وفاة المقوقس في 21 مارس سنة 642 م على ما جاء في تاريخ كامبردج للقرون الوسطى. أما الأستاذ بتلر فيؤرخ وفاته 14 يوليه سنة 642 م. ولم يكن البطريرك بنيامين موجودًا في الإسكندرية عند دخول الروم، ويظن أنه هرب، لكنه على كل حال بقي مواليًا للعرب، ولم ينقض صلحهم، بل الذي نقضه الروم.
كانت نتيجة نقض الإسكندرية الصلح أن استولى عليها العرب مرة ثانية، وقتلوا الروم، ولم يكن هناك سبب واضح لنقض معاهدة الصلح، فما فعله الإمبراطور كان مخالفًا للقوانين الحربية، كما قال الأستاذ بتلر، ولا يوجد ما يبرره فلا غرو إذا عامل العرب الثائرين بالشدة، ثم إن عمرًا بعد أن أخضع الثوار في الإسكندرية ذهب لإخضاع المدن التي ثارت في الدلتا. ولما تمَّ له ذلك أرسل الأسرى إلى المدينة فأعادهم عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ.
وكان الروم لما خرجوا من الإسكندرية قد أخذوا أموال أهل تلك القرى من وافقهم ومن خالفهم، فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا لعمرو بن العاص: إن الروم أخذوا دوابنا وأموالنا، ولم نخالف نحن عليكم، وكنا على الطاعة. فرد عليهم ما عرفوا من أموالهم بعد إقامة البينة هذا ما ذكره ابن الأثير وأشار إليه الأستاذ بتلر معترفًا بفضل المبادئ التي سار عليها عمرو في إدارة حكومته وبشرف طبيعته، وكان أهل هذه القرى المذكورة الذين تظلموا لعمرو من الروم أقباطًا.