خطبة عثمان ورجمه بالحصباء
ولما جاءت الجمعة التي على أثر نزول المصريين المدينة خرج عثمان فصلى بالناس، ثم قام على المنبر فقال: "يا هؤلاء العِدى: اللَّه اللَّه، فواللَّه إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ فامحوا الخطايا بالصواب فإن اللَّه عز وجل لا يمحو السيئ إلا بالحسن".
فقام محمد بن مسلمة فقال: أشهد بذلك، فأخذه حكيم بن جبلة (من جيش البصرة) فأقعده. فقام زيد بن ثابت فأقعده محمد ابن أبي قتيرة. وثار القوم بأجمعهم، فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتى صرع على المنبر مغشيًا عليه، فاحتمل، فأدخل داره، واستقل نفر من أهل المدينة مع عثمان منهم سعد بن مالك، والحسن بن علي، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، فأرسل إليهم عثمان يعزم عليهم بالانصراف فانصرفوا.
وأقبل عليّ وطلحة والزبير فدخلوا على عثمان بعودته من صرعته، ويشكون بثهم، ثم رجعوا إلى منازلهم.
وصلى عثمان بالناس بعد ما نزل به في المسجد ثلاثين يومًا، ثم منعوه الصلاة، وصلى بالناس أميرهم الغافقي، وتفرَّق أهل المدينة في حيطانهم، وأُلزموا بيوتهم، لا يجلس أحد ولا يخرج إلا بسيفه يمتنع به، وكان الحصار أربعين يومًا ومن تعرَّض لهم وضعوا فيه السلاح.
وقيل: إن عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ خطب الناس وقال لهم:
"إنهم قد أسرعوا الفتنة، واستطالوا عمري، واللَّه لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان عليهم مكان كل يوم سنة، يرون من قدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة."
زيارة عثمان لعلي في بيته ورجوع المصريين
جاء عثمان إلى عليٍّ فدخل عليه بيته فقال له: يا ابن عم، إن قرابتي قريبة ولي عليك حق عظيم، وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي، ولك عند الناس قدر، وهم يسمعون منك، وأحب أن تركب إليهم فتردهم عنِّي، فإن في دخولهم عليَّ توهينًا لأمري وجراءة عليَّ.
فقال علي: على أيِّ شيء أردهم عنك؟.
قال: على أن أصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لي.
فقال عليٌّ: إني قد كلمتك مرة بعد أخرى فكل ذلك تخرج وتقول، ثم ترجع عنه، وهذا من فعل مروان وابن عامر ومعاوية وعبد اللَّه بن سعد. فإنك أطعتهم وعصيتني.
قال عثمان: فأنا أعصيهم وأطيعك. فأمر عليٌّ الناس، فركب ومعه من المهاجرين والأنصار ثلاثون رجلًا فيهم سعيد بن زيد، وأبو جهم العدوي وجُبير بن مطعم وحكيم بن حزام، ومروان، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد. ومن الأنصار أبو أسيد الساعدي وأبو حميد، وزيد بن ثابت، وحسان بن ثابت وكعب بن مالك ومن العرب نيار بن مكرز ، فأتوا المصريين بذي خشب فكلموهم، وكان الذي يكلمهم عليًا ومحمد بن مسلمة. فسمعوا كلامهما ورجعوا إلى مصر.
فقال ابن عديس لمحمد بن سلمة: أتوصينا بحاجة؟ قال: نعم. تتقي اللَّه وترد من قِبلك عن إمامهم، فإنه قد وعدنا أن يرجع وينزع. قال ابن عديس: أفعل إن شاء اللَّه.
ورجع عليّ ومن معه إلى المدينة فدخل على عثمان فأخبره برجوعهم وكلمه بما في نفسه وخرج من عنده. فمكث عثمان ذلك اليوم وجاءه مروان، بكر الغد. فقال له: تكلَّم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا، وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلًا قبل أن يجيء الناس إليك من أمصارهم، ويأتيك ما لا تستطيع دفعه. ففعل عثمان. فلما خطب الناس قال له عمرو بن العاص: اتق اللَّه يا عثمان فإنك قد ركبت أمورًا وركبناها معك فتب إلى اللَّه نتب. فناداه عثمان: وإنك هنا يا ابن النابغة قَملت واللَّه جبتك منذ عزلتك عن العمل. فنودي من ناحية أخرى: تب إلى اللَّه. فرفع يديه واستقبل القبلة وقال: "اللَّهم إني أول تائب".
وخرج عمرو بن العاص إلى فلسطين. وكان يقول: واللَّه إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان.
ولما جاءت الجمعة التي على أثر نزول المصريين المدينة خرج عثمان فصلى بالناس، ثم قام على المنبر فقال: "يا هؤلاء العِدى: اللَّه اللَّه، فواللَّه إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ فامحوا الخطايا بالصواب فإن اللَّه عز وجل لا يمحو السيئ إلا بالحسن".
فقام محمد بن مسلمة فقال: أشهد بذلك، فأخذه حكيم بن جبلة (من جيش البصرة) فأقعده. فقام زيد بن ثابت فأقعده محمد ابن أبي قتيرة. وثار القوم بأجمعهم، فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتى صرع على المنبر مغشيًا عليه، فاحتمل، فأدخل داره، واستقل نفر من أهل المدينة مع عثمان منهم سعد بن مالك، والحسن بن علي، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، فأرسل إليهم عثمان يعزم عليهم بالانصراف فانصرفوا.
وأقبل عليّ وطلحة والزبير فدخلوا على عثمان بعودته من صرعته، ويشكون بثهم، ثم رجعوا إلى منازلهم.
وصلى عثمان بالناس بعد ما نزل به في المسجد ثلاثين يومًا، ثم منعوه الصلاة، وصلى بالناس أميرهم الغافقي، وتفرَّق أهل المدينة في حيطانهم، وأُلزموا بيوتهم، لا يجلس أحد ولا يخرج إلا بسيفه يمتنع به، وكان الحصار أربعين يومًا ومن تعرَّض لهم وضعوا فيه السلاح.
وقيل: إن عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ خطب الناس وقال لهم:
"إنهم قد أسرعوا الفتنة، واستطالوا عمري، واللَّه لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان عليهم مكان كل يوم سنة، يرون من قدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة."
زيارة عثمان لعلي في بيته ورجوع المصريين
جاء عثمان إلى عليٍّ فدخل عليه بيته فقال له: يا ابن عم، إن قرابتي قريبة ولي عليك حق عظيم، وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي، ولك عند الناس قدر، وهم يسمعون منك، وأحب أن تركب إليهم فتردهم عنِّي، فإن في دخولهم عليَّ توهينًا لأمري وجراءة عليَّ.
فقال علي: على أيِّ شيء أردهم عنك؟.
قال: على أن أصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لي.
فقال عليٌّ: إني قد كلمتك مرة بعد أخرى فكل ذلك تخرج وتقول، ثم ترجع عنه، وهذا من فعل مروان وابن عامر ومعاوية وعبد اللَّه بن سعد. فإنك أطعتهم وعصيتني.
قال عثمان: فأنا أعصيهم وأطيعك. فأمر عليٌّ الناس، فركب ومعه من المهاجرين والأنصار ثلاثون رجلًا فيهم سعيد بن زيد، وأبو جهم العدوي وجُبير بن مطعم وحكيم بن حزام، ومروان، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد. ومن الأنصار أبو أسيد الساعدي وأبو حميد، وزيد بن ثابت، وحسان بن ثابت وكعب بن مالك ومن العرب نيار بن مكرز ، فأتوا المصريين بذي خشب فكلموهم، وكان الذي يكلمهم عليًا ومحمد بن مسلمة. فسمعوا كلامهما ورجعوا إلى مصر.
فقال ابن عديس لمحمد بن سلمة: أتوصينا بحاجة؟ قال: نعم. تتقي اللَّه وترد من قِبلك عن إمامهم، فإنه قد وعدنا أن يرجع وينزع. قال ابن عديس: أفعل إن شاء اللَّه.
ورجع عليّ ومن معه إلى المدينة فدخل على عثمان فأخبره برجوعهم وكلمه بما في نفسه وخرج من عنده. فمكث عثمان ذلك اليوم وجاءه مروان، بكر الغد. فقال له: تكلَّم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا، وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلًا قبل أن يجيء الناس إليك من أمصارهم، ويأتيك ما لا تستطيع دفعه. ففعل عثمان. فلما خطب الناس قال له عمرو بن العاص: اتق اللَّه يا عثمان فإنك قد ركبت أمورًا وركبناها معك فتب إلى اللَّه نتب. فناداه عثمان: وإنك هنا يا ابن النابغة قَملت واللَّه جبتك منذ عزلتك عن العمل. فنودي من ناحية أخرى: تب إلى اللَّه. فرفع يديه واستقبل القبلة وقال: "اللَّهم إني أول تائب".
وخرج عمرو بن العاص إلى فلسطين. وكان يقول: واللَّه إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان.