تولية سعيد بن العاص الكوفة
واللَّه لقد بعثت إليكم وإني لكاره، ولكني لم أجد بدًا إذا أمرت أن آتمر، إلا أن الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها وواللَّه لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تعييني، وإني لرائد نفسي اليوم".
ثم نزل وسأل عن أهل الكوفة فعرف حال أهلها. وهذه الخطبة إنذار لأهل الكوفة بأنه سيستعمل الشدة معهم.
كتاب سعيد إلى عثمان
ثم كتب سعيد إلى الخليفة كتابًا قال فيه:
"إن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم، وغُلب أهل الشرف منهم والبيوتات السابقة، والغالب على تلك البلاد روادف قدمت وأعراب لحقت، حتى لا ينظر إلى ذي شرف وبلاء من نابتتها ولا نازلتها"
كتب عثمان إليه:
"أما بعد، ففضل أهل السابقة والقدمة ممن فتح اللَّه عليه تلك البلاد، وليكن من نزلها بسببهم تبعًا لهم، إلا أن يكونوا تثاقلوا عن الحق وتركوا القيام به وقام به هؤلاء، واحفظ لكل منزلته، وأعطهم جميعًا بقسطهم من الحق. فإن المعرفة بالناس بها يصاب العدل."
فأرسل سعيد إلى وجوه الناس من أهل الأيام والقادسية فقال: "أنتم وجوه من وراءكم. والوجه ينبئ عن الجسد فأبلغونا حاجة ذي الحاجة، وخلة ذي الخلة، وأدخلوا معهم من يحتمل من اللواحق والروادف".
كثر القيل والقال وقال بعض شعراء الكوفة يندد بسعيد وكثرة التبديل في الولاة:
فررت من الوليد إلى سعيد *** كأهل الحجر إذ جزعوا فباروا
بلينا من قريش كل عام *** أميرٌ مُحْدَثٌ أو مستشار
لنا نار نخوّفها فنخشى *** وليس لهم فلا يخشون نار
ثم إن سعيد جعل القراء في سمره، ففشت القالة في أهل الكوفة، فكتب سعيد إلى عثمان بذلك، فجمع الناس وأخبرهم بما كتب إليه فقالوا له: أصبت لا تطمعهم فيما ليسوا له بأهل، فإنه إذا نهض في الأمور من ليس بأهل لها لم يحتملها وأفسدها، فقال عثمان:
"يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا. فقد دبت إليكم الفتن، وإني واللَّه لأستخلصن لكم الذي لكم حتى أنقله إليكم، إن رأيتم حتى يأتي من شهد مع أهل العراق سهمه فيقيم معه في بلاده، فقالوا: كيف تنقل إلينا سهمنا من الأرضين؟ فقال: ببيعها ممن شاء بما كان له بالحجاز واليمن وغيرها من البلاد ففرحوا وفتح اللَّه لهم أمرًا لم يكن في حسابهم، وفعلوا ذلك واشتراه رجال من كل قبيلة وجارٍ لهم عن تراضٍ منهم ومن الناس وإقرار بالحقوق.
المراجع
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 608، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 3.] (سنة 30 هـ/ 651 م): [ص 81].
واللَّه لقد بعثت إليكم وإني لكاره، ولكني لم أجد بدًا إذا أمرت أن آتمر، إلا أن الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها وواللَّه لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تعييني، وإني لرائد نفسي اليوم".
ثم نزل وسأل عن أهل الكوفة فعرف حال أهلها. وهذه الخطبة إنذار لأهل الكوفة بأنه سيستعمل الشدة معهم.
كتاب سعيد إلى عثمان
ثم كتب سعيد إلى الخليفة كتابًا قال فيه:
"إن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم، وغُلب أهل الشرف منهم والبيوتات السابقة، والغالب على تلك البلاد روادف قدمت وأعراب لحقت، حتى لا ينظر إلى ذي شرف وبلاء من نابتتها ولا نازلتها"
كتب عثمان إليه:
"أما بعد، ففضل أهل السابقة والقدمة ممن فتح اللَّه عليه تلك البلاد، وليكن من نزلها بسببهم تبعًا لهم، إلا أن يكونوا تثاقلوا عن الحق وتركوا القيام به وقام به هؤلاء، واحفظ لكل منزلته، وأعطهم جميعًا بقسطهم من الحق. فإن المعرفة بالناس بها يصاب العدل."
فأرسل سعيد إلى وجوه الناس من أهل الأيام والقادسية فقال: "أنتم وجوه من وراءكم. والوجه ينبئ عن الجسد فأبلغونا حاجة ذي الحاجة، وخلة ذي الخلة، وأدخلوا معهم من يحتمل من اللواحق والروادف".
كثر القيل والقال وقال بعض شعراء الكوفة يندد بسعيد وكثرة التبديل في الولاة:
فررت من الوليد إلى سعيد *** كأهل الحجر إذ جزعوا فباروا
بلينا من قريش كل عام *** أميرٌ مُحْدَثٌ أو مستشار
لنا نار نخوّفها فنخشى *** وليس لهم فلا يخشون نار
ثم إن سعيد جعل القراء في سمره، ففشت القالة في أهل الكوفة، فكتب سعيد إلى عثمان بذلك، فجمع الناس وأخبرهم بما كتب إليه فقالوا له: أصبت لا تطمعهم فيما ليسوا له بأهل، فإنه إذا نهض في الأمور من ليس بأهل لها لم يحتملها وأفسدها، فقال عثمان:
"يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا. فقد دبت إليكم الفتن، وإني واللَّه لأستخلصن لكم الذي لكم حتى أنقله إليكم، إن رأيتم حتى يأتي من شهد مع أهل العراق سهمه فيقيم معه في بلاده، فقالوا: كيف تنقل إلينا سهمنا من الأرضين؟ فقال: ببيعها ممن شاء بما كان له بالحجاز واليمن وغيرها من البلاد ففرحوا وفتح اللَّه لهم أمرًا لم يكن في حسابهم، وفعلوا ذلك واشتراه رجال من كل قبيلة وجارٍ لهم عن تراضٍ منهم ومن الناس وإقرار بالحقوق.
المراجع
[الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج 2/ص 608، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 2/ص 3.] (سنة 30 هـ/ 651 م): [ص 81].