عزل سعيد بن العاص وتولية أبي موسى الأشعري:
خرج يزيد بن قيس وهو يريد خلع عثمان، ومعه الذين كان يكاتبهم ابن السوداء فقال القعقاع بن عمرو: إنما نستعفي من سعيد: فقال يزيد: أما هذا فنعم، وكاتب المسيرين [وهم الذين سيَّرهم عثمان إلى معاوية ومنهم الأشتر وصعصعة.] ليقدموا عليه. فسار الأشتر والذين عند عبد الرحمن بن خالد فسبقهم الأشتر فلم يفجأ الناس إلا والأشتر على باب المسجد مسجد الكوفة يقول: جئتكم من عند أمير المؤمنين عثمان وتركت سعيدًا يريد علي نقصان نسائكم على مائة درهم ورد أولي البلاء منكم إلى ألفين ويزعم أن فيئكم بستان قريش فاستخف الناس. وجعل أهل الرأي ينهونهم فلا يسمع منهم.
فخرج يزيد وأمر مناديًا ينادي: من شاء أن يلحق بيزيد لرد سعيد فليفعل، فبقي أشرافهم وحلماؤهم في المسجد، وعمرو بن حُرَيث يومئذٍ خليفة سعيد، فصعد المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عليه وأمرهم بالاستماع والطاعة. فقال له القعقاع: "أترد السيل عن أدراجه؟ هيهات، لا واللَّه لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية، ويوشك أن تنتضي ويعجون هجيج العيدان، ويتمنون ما هم فيه اليوم فلا يرده اللَّه عليهم أبدًا فاصبر". قال: أصبر، وتحوَّل إلى منزله.
وخرج يزيد بن قيس، فنزل الجرَعة وهي قريب من القادسية ومعه الأشتر فوصل إليهم سعيد بن العاص. فقالوا: لا حاجة لنا بك. قال: إنما يكفيكم أن تبعثوا إلى أمير المؤمنين رجلًا وإليَّ رجلًا. وهل يخرج الألف لهم عقول إلى رجل واحد. وجاء في الطبري نص الخطبة التي ألقاها عليهم عمرو بن حُرَيث نائب سعيد وهي كما يلي
{اذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا} [آل عمران: 103]، بعد أن كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. فلا تعودوا في شر قد استنقذكم منه اللَّه عز وجل. أبعد الإسلام وهديه وسنته لا تعرفون حقًا وتصيبون بابه!".
ولما انصرف عنهم سعيد أحسوا بمولى لهم على بعير قد حسر. فقال: واللَّه ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع فقتله الأشتر، ومضى سعيد حتى قدم على عثمان فأخبره بما فعلوا وأنهم يريدون البدل. وأنهم يختارون أبا موسى. قال: "أثبتنا أبا موسى عليهم وواللَّه لا نجعل لأحد عذرًا ولا نترك لهم حجة، ولنصبرن كما أمرنا حتى نبلغ ما يريدون".
وقد أراد عثمان بخلع سعيد وتنصيب أبي موسى أن تهدأ الفتنة ولا يكون لأحد بعد ذلك عذر أو شكوى. وكتب إليهم: [ص 139].
"أما بعد، فقد أمّرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من سعيد، وواللَّه لأقرضنكم عرضي ولأبذلن لكم صبري ولأستصلحنكم بجهدي فلا تدعوا شيئًا أحببتموه لا يُعصى اللَّه فيه إلا سألتموه، ولا شيئًا كرهتموه لا يعصى اللَّه فيه إلا استعفيتم منه. أنزل فيه عندما أحببتم حتى لا يكون لكم على اللَّه حجة كما أمرنا حتى تبلغوا ما تريدون".
ورجع من الأمراء من قرب عمله من الكوفة فرجع جرير من قرقيسياء. وعتيبة من حُلوان.
وقام أبو موسى الأشعري فتكلم بالكوفة فقال:
"أيها الناس لا تنفروا في مثل هذا ولا تعودوا لمثله. ألزموا جماعتكم الطاعة وإياكم والعجلة. فأجابوه إلى ذلك. وقالوا: فصلِّ بنا، قال لا. إلا على السمع والطاعة لعثمان بن عفان. قالوا: السمع والطاعة لعثمان.
خرج يزيد بن قيس وهو يريد خلع عثمان، ومعه الذين كان يكاتبهم ابن السوداء فقال القعقاع بن عمرو: إنما نستعفي من سعيد: فقال يزيد: أما هذا فنعم، وكاتب المسيرين [وهم الذين سيَّرهم عثمان إلى معاوية ومنهم الأشتر وصعصعة.] ليقدموا عليه. فسار الأشتر والذين عند عبد الرحمن بن خالد فسبقهم الأشتر فلم يفجأ الناس إلا والأشتر على باب المسجد مسجد الكوفة يقول: جئتكم من عند أمير المؤمنين عثمان وتركت سعيدًا يريد علي نقصان نسائكم على مائة درهم ورد أولي البلاء منكم إلى ألفين ويزعم أن فيئكم بستان قريش فاستخف الناس. وجعل أهل الرأي ينهونهم فلا يسمع منهم.
فخرج يزيد وأمر مناديًا ينادي: من شاء أن يلحق بيزيد لرد سعيد فليفعل، فبقي أشرافهم وحلماؤهم في المسجد، وعمرو بن حُرَيث يومئذٍ خليفة سعيد، فصعد المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عليه وأمرهم بالاستماع والطاعة. فقال له القعقاع: "أترد السيل عن أدراجه؟ هيهات، لا واللَّه لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية، ويوشك أن تنتضي ويعجون هجيج العيدان، ويتمنون ما هم فيه اليوم فلا يرده اللَّه عليهم أبدًا فاصبر". قال: أصبر، وتحوَّل إلى منزله.
وخرج يزيد بن قيس، فنزل الجرَعة وهي قريب من القادسية ومعه الأشتر فوصل إليهم سعيد بن العاص. فقالوا: لا حاجة لنا بك. قال: إنما يكفيكم أن تبعثوا إلى أمير المؤمنين رجلًا وإليَّ رجلًا. وهل يخرج الألف لهم عقول إلى رجل واحد. وجاء في الطبري نص الخطبة التي ألقاها عليهم عمرو بن حُرَيث نائب سعيد وهي كما يلي
{اذكروا نعمة اللَّه عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا} [آل عمران: 103]، بعد أن كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. فلا تعودوا في شر قد استنقذكم منه اللَّه عز وجل. أبعد الإسلام وهديه وسنته لا تعرفون حقًا وتصيبون بابه!".
ولما انصرف عنهم سعيد أحسوا بمولى لهم على بعير قد حسر. فقال: واللَّه ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع فقتله الأشتر، ومضى سعيد حتى قدم على عثمان فأخبره بما فعلوا وأنهم يريدون البدل. وأنهم يختارون أبا موسى. قال: "أثبتنا أبا موسى عليهم وواللَّه لا نجعل لأحد عذرًا ولا نترك لهم حجة، ولنصبرن كما أمرنا حتى نبلغ ما يريدون".
وقد أراد عثمان بخلع سعيد وتنصيب أبي موسى أن تهدأ الفتنة ولا يكون لأحد بعد ذلك عذر أو شكوى. وكتب إليهم: [ص 139].
"أما بعد، فقد أمّرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من سعيد، وواللَّه لأقرضنكم عرضي ولأبذلن لكم صبري ولأستصلحنكم بجهدي فلا تدعوا شيئًا أحببتموه لا يُعصى اللَّه فيه إلا سألتموه، ولا شيئًا كرهتموه لا يعصى اللَّه فيه إلا استعفيتم منه. أنزل فيه عندما أحببتم حتى لا يكون لكم على اللَّه حجة كما أمرنا حتى تبلغوا ما تريدون".
ورجع من الأمراء من قرب عمله من الكوفة فرجع جرير من قرقيسياء. وعتيبة من حُلوان.
وقام أبو موسى الأشعري فتكلم بالكوفة فقال:
"أيها الناس لا تنفروا في مثل هذا ولا تعودوا لمثله. ألزموا جماعتكم الطاعة وإياكم والعجلة. فأجابوه إلى ذلك. وقالوا: فصلِّ بنا، قال لا. إلا على السمع والطاعة لعثمان بن عفان. قالوا: السمع والطاعة لعثمان.